من طرف 
وقفة بعد نهاية العام الهجري ..
هذه الكلمات أوجهها الى أخي الكريم ، والى أختي الكريمة ...
الى كل من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا .. وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولا ..
إليك أكتب هذه الكلمات ، أخاطب فيك ذلك القلب السليم الذي يحمل الإيمان بين جوانحه .
اعلم أخي أن هذه الدنيا فانية ، وأن الآخرة هي الباقية . قال تعالى ( يا قوم إنما هذه الحياة الدنيا متاع ، وإن الآخرة هي دار القرار )
وأخبر عنها المصطفى عليه الصلاة والسلام حيث قال (مالي وللدنيا ~ وما أنا في الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح عنها وتركها .)
ونحن نعيش في بداية هذا العام الجديد ، فبالأمس القريب كنا نستقبله ، وفي هذه اللحظة وبهذه السرعة ودعناه
عام مضى وانقضى من أعمارنا ولن يعود الى يوم القيامة وهو شاهد لنا أو علينا بما أودعنا فيه من الأعمال ،
فالإنسان بين مخافتين ، بين عاجل قد مضى لا يدري مالله صانع فيه .. وبين آجل قد بقى لا يدري مالله قاض فيه .
فأول مايجب علينا عمله هو محاسبة النفس في حقوق الله ، واعظمها حق التوحيد ، فلنسأل أنفسنا : هل أخلصنا لله الوجهة ؟؟
وهل غذت قلوبنا المحبة لله وإجلالا ؟ هل تعلقت قلوبنا بالله وحده ؟ أم للخلق النصيب الأكبر من حركاتنا وسكوننا ؟؟؟
فلنسأل أنفسنا إخوتي في الله : كم من الساعات التي عانينا فيها ، وكم من البلايا والنقم مرت علينا في هذا العام المنصرم .؟
فمن ناجينا ؟ ومن دعونا ؟ وأي باب قرعنا ؟ والى من تضرعنا ؟ وأي رب رجونا ؟ وكيف وجدناه ؟
فسبحان من فرج الكروب ، ويسر المصاعب ، وثبت عند النوائب .
وكم مرة مرت علينا ساعات النعم ونحن نتقلب في العافية والغنى ؟
فهل كنا لله شاكرين حامدين وله ذاكرين ؟؟؟
فلنحاسب أنفسنا يا أيها الأحبة ... كيف أمضينا هذا العام ؟ فإن كان خيراً
حمدنا الله عليه وشكرناه .. وإن كان شراً تبنا الى الله واستغفرناه ..
اعلموا أيها الأحبة .. أن بانقضاء العام انقضاء للأعمار ..
قال أحد السلف : ( كيف يفرح في هذه الدنيا ، من يومه يهدم شهره ، ومن شهره يهدم سنته ، وسنته تهدم عمره ..
كيف يفرح من عمره يقوده الى أجله ، وحياته تقوده الى مماته )
فكم ودعنا في هذا العام إخوانا لنا وأقارب .. كم ودعنا من عالم وإمام .. وساروا وسبقونا الى رحمة بارئهم ،
ونحن في الطريق سائرون وعلى نفس الدرب ماضون ، وعلى ما قدموا إليه قادمون ..
فلنبدأ يا إخوتي عامنا هذا بالتوبة النصوح ولنرجع الى جادة الصواب ولنشغل العقول التي وهبنا الله سبحانه وتعالى
ولنعلم ان العمر قصير مهما طال "تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم"
فكن عزيزا حكيما في مرادك، وفي معرفة حقيقة الأمرين دار متاع قليل، ودار هي الحيوان (الحياة الحقيقية )
وليس أمر العزة والحكمة بالهين، ولا ينال بالتمني "ليس بأمانيكم ولا أماني أهْل الكتاب من يعمل سوءا يجز به
ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا"بل لا بد له من تعب والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين"
وبهذا فقط يرث الدار الحقيقية "تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقيا"
يقول صلى الله عليه وسلم " ألا إن سلعة الله غاليه إن سلعة الله الجنه "
الراوي:أبو هريرة المحدث:الألباني -المصدر:صحيح الترمذي -الصفحة أو الرقم:2450
ونعم الدار لمن أتقى جعلني الله وإياكم والمسلمين من المتقين .
{لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ }
فالبخيل كل البخيل من بخل عن نفسه بالجنة
ويفكر في نهايته وكيف يدخلها، ومن أي طريق، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة ، ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد ، ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة ، ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الصيام ، وباب الريان . فقال أبو بكر : ما على هذا الذي يدعى من تلك الأبواب من ضرورة ، وقال : هل يدعى منها كلها أحد يا رسول الله ؟ قال : نعم ، وأرجو أن تكون منهم يا أبا بكر
فاصنع أخي الكريم مفتاحا واتعب فيه، وتيقن أن الله موفقك، فدق الباب من الآن وكن مع الحبيب
أو كن كأبي بكر الصديق، واجمع المفاتيح واغنم بدخولك معه الأبواب الثمانية.
اللهم اجعلنا من ورثة جنتك وأهلا لنعمتك وأسكنا قصورها برحمتك وارزقنا
فردوسك الأعلى حنانا منك وان لم نكن لها أهلا فليس لنا من العمل
ما يبلغنا هذا الأمل إلا أن ترحمنا وتهبنا العمل الخالص لوجهك الكريم
في حبك وحب رسولك صلى الله عليه وآله وسلم .
يقول تبارك وتعالى فى كتابه العزيز
{إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة و أنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية يرجون تجارة لن تبور* ليوفيهم اجورهم ويزيدهم من فضله انه غفور شكور
وفي هذه الآية الكريمة جواب واضح من الله سبحانه وتعالى على أن كل عمل من الأعمال التي تقربنا من الله من تلاوة القرآن وتدبره وإقامة الصلاة والإنفاق في سبيل الله في السر والعلانية ومن ذكر متواصل وحب المساكين و......إلخ كلها تجارة لن تبور أي ليس فيها خسران بل كلها فوز وزيادة في الربح مع الله سبحانه
اللهم صلي وسلم وبارك على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين
والحمد لله رب العالمين
----------------------------------------
