أغتنم خمس قبل خمس
شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك ودنياك قبل آخرتك، هذه دعوة من النبي صلى الله عليه وسلم إلى حسن الاستفادة من أوقات فراغنا واغتنامها واستثمارها في كل صالح مفيد يعود علينا بالخير وعلى أمتنا
فالفراغ مضيعة العمر ومقبرته
والوقت ...هو عمرك بأيامه ولياليه وساعاته ودقائقه وثوانيه فإنما أنت أيام مجموعة كلما ضيعت منها كلما ذهب من عمرك ، وما الأيام إلا صفحات تُطوى في كتاب حياتنا، وما الساعات في تلك الأيام إلا كالأسطر في صفحاتها، وسرعان ما تنتهي هذه الصفحات لننتقل إلى صفحات أخرى.. وهكذا تباعًا حتى تنتهي صفحات عمرنا.
قال بعض الحكماء: كيف يفرح بالدنيا من يومه يهدم شهره، وشهره يهدم سنته، وسنته تهدم عمره، وكيف يفرح من يقوده عمره إلى أجله، وتقوده حياته إلى موته.....
والوقت كما قيل أنفاس تذهب ولا تعود والنفس إن لم تشغلها في فراغها بالطاعة ألهتك بالمعصية وإنما تقدر قيمة الإنسان في دنياه وآخرته بقدر إحسانه في طي صفحات أيامه، وبقدر استثماره لأوقات فراغه ......
وقال الحسن البصري : "إنما أنت أيام مجموعة، كلما مضى يوم مضى بعضك"... وقال : " ابن آدم إنما أنت بين مطيتين يوضعانك، يوضعك النهار إلى الليل، و الليل إلى النهار، حتى يسلمانك إلى الآخرة".. وقال :" "أدركت أقوامًا كانوا على أوقاتهم أشد منكم حرصًا على دراهمكم ودنانيرك"
ومن أجل ذلك يلفت النبي صلى الله عليه وسلم انتباهنا إلى أهمية الوقت وقيمته حين أخبرنا أن الإنسان يُسأل يوم القيامة عن وقته وعمره فيما أداه، فقال صلى الله عليه وسلم: "لا تزول قدم ابن آدم يوم القيامة من عند ربه حتى يُسأل عن خمس: عن عمرهِ فيما أفناه، وعن شبابهِ فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وماذا عمل فيما علِم" رواه الترمذي
فرأس مالك هو وقتك إذا استغللته في طاعة الله عز وجل فقد ربحت تجارة لن تبور وإذا ضيعته في لهو وعبث ومعصية فقد خسرت رأس مالك أي عمرك فأنت مغبون خاسر .....خسرت الدنيا والآخرة خسرت زمانا لن يعود ..
قال عبد الله بن مسعود :- ما ندمت على شئ ندمى على يوم غربت فيه شمسه نقص فيه أجلى ولم يزد فيه عملي .......
فكم من يوم مضى لم يزد به عملك بل على العكس زادت سيئاتك وسهوت عن الاستغفار والتوبة ..... كم من يوم مضى وأنت هاجر لكتاب الله وهاجر لسنة نبيك عليه الصلاة والسلام ..... كم من ساعة مرت وانت غارق في معصية قد تموت عليها .......وكم وكم وكم ؟؟!
ولقد قال بعض الحكماء : الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك " فهو سلاح ذو حدين إما أن تستفيد منه وتجعله في طاعة الله عز وجل وإما أن يذهب في لهو معبث ومعصية .....وخسران
{وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ }العنكبوت64
لأجل هذا كان السلف الصالح رضوان الله عليهم أشد الناس حرصًا على اغتنام أوقاتهم في ذكر الله تعالى وتلاوة كتابه وتعلّم دينه والإحسان إلى خلقه، فمن ذلك عامر بن عبد قيس إذ قال له رجل: قف أكلمك، قال: أمسك الشمس، أي إن استطعت أن تمسك الوقت فلا يمر فسأقف، وكان داود الطائي يستف الفتيت، يأكل فتات الطعام، ويقول: بين سف الفتيت وأكل الخبز قراءة خمسين آية، هكذا كانوا عليهم رحمه الله، كانوا أشد الناس بخلا بأوقاتهم...
وعلينا أن نعلم أن الفراغ مقتل للشباب وللعمر بأكمله فنحن مسؤولون عن هذه الأوقات من أعمارنا، في أي مصلحة قضيناها؟ أفي طاعة الله وذكره، وتلاوة كتابه وتعلم دينه، أم قضيناها في أمرٍ لا يعود علينا بكبير فائدة، بل قد يباعدنا عن الله تعالى وعن مرضاته، ويقربنا مما يسخطه ويغضبه عز وجل ..
فعلى كل مسلم أن يجعل أوقاته كلها لله عز وجل يحتسبها في ميزان حسناته فلا يجعل للفراغ فيها طريقاً وسبيلا وعلينا الإقتداء بدعوة النبي صلى الله عليه وسلم في العناية بالوقت وحسن استثماره في الصالح النافع الذي يعود علينا بالأجر والثواب ...
إننا حقاً لا نعرف قدر وقيمة نعمة والفراغ إلا بعد زوالها وفقدها وبعد إنشغالنا فلنسخرها في كل ما يوصلنا إلى جنات ربنا عز وجل ويباعدنا عن عذابه
اغتنم في الفراغ فضل ركوع * * * * فعسى أن يكون موتك بغتة
كم صحيح رأيت من غير سقم * * * * ذهبت نفسه الصحيحة فلتة
{اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ }الحديد20
{وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ }الأنعام32
اللهم اجعلنا يومنا خير من أمسنا وغدنا خير من حاضرنا ..