سورة التين
بسم الله الرحمن الرحيم
{ وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1) وَطُورِ سِينِينَ (2) وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (3) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4) ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (5) إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (6) فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ (7) أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ ( }
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
بين يدي السورة:
مكية / مدنية: مكية
الترتيب في المصحف:95
الترتيب في النزول:28
عدد آياتها:8
عدد كلماتها:34
عدد حروفها:156
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
التفسير:
{وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1) وَطُورِ سِينِينَ (2) وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (3)}
1- أقسم الله تعالى بالتين والزيتون لبركتهما وعظيم منفعتهما . قال ابن عباس وغيره : هو تينكم الذى تأكلون ، وزيتونكم الذى تعصرون منه الزيت . قال - تعالى - : { وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَآءَ تَنبُتُ بالدهن وَصِبْغٍ لِّلآكِلِيِنَ }[المؤمنون: 20] وهى شجرة الزيتون .
2- وأقسم بالجبل الذى كلَّم الله عليه موسى . قال الإِمام الشوكانى : " وطور سينين " هو الجبل الذى كلم الله عليه موسى ، اسمه الطور . ومعنى سينين : المبارك الحسن . . وقال مجاهد : سينين كل جبل فيه شجر مثمر ، فهو سينين وسيناء . وقال الأخفش : طور : جبل . وسينين شجر ، واحدته سينه ، ولم ينصرف سينين كما لم ينصرف سيناء ، لأنه جعل اسمًا للبقعة .
3- وهذا البلد – أي:مكة المكرمة ، وسمى بالأمين لأن من دخله كان آمنا ، وقد حرمها - تعالى - على جميع خلقه ، وحرم شجرها وحيوانها ،قال تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ }[العنكبوت67 ]وفى الحديث الصحيح أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ يَوْمَ الْفَتْحِ فَقَالَ:" إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ مَكَّةَ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ فَهِيَ حَرَامٌ بِحَرَامِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ, لَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي, وَلَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ بَعْدِي, وَلَمْ تَحْلِلْ لِي قَطُّ إِلَّا سَاعَةً مِنْ الدَّهْر,ِ لَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا, وَلَا يُعْضَدُ شَوْكُهَا وَلَا يُخْتَلَى خَلَاهَا ,وَلَا تَحِلُّ لُقَطَتُهَا إِلَّا لِمُنْشِدٍ, فَقَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ: إِلَّا الْإِذْخِرَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ لِلْقَيْنِ وَالْبُيُوتِ, فَسَكَتَ ثُمَّ قَالَ : إِلَّا الْإِذْخِرَ فَإِنَّهُ حَلَالٌ . " .
فائدة:اعلم أن الله - تعالى – له أن يقسم بما شاء من مخلوقاته ، فهو صاحب الخلق والأمر ، تبارك الله رب العالمين . والغرض من القسم بتلك الأشياء : الإبانة عن شرف البقاع المباركة ، وما ظهر فيها من الخير والبركة ببعثة الأنبياء والمرسلين . وقال ابن كثير : ذهب بعض الأئمة إلى أن هذه محال ثلاث ، بعث الله في كل منها نبيًا مرسلاً من أولي العزم ، أصحاب الشرائع الكبار ، فالأول : محلة التين والزيتون وهي " بيت المقدس " التي بعث الله فيها عيسى عليه السلام ، والثاني : طور سينين وهو " طور سيناء " الذي كلم الله عليه موسى بن عمران ، والثالث : البلد الأمين الذي مَن دخله كان آمنا ، وهو الذي أرسل الله فيه محمدًا صلى الله عليه وسلم . وقد جاء في آخر التوراة ذكر هذه الأماكن الثلاثة: (جاء الله من طور سيناء – يعني:الجبل الذي كلم الله عليه موسى- وأشرق من ساعير- يعني :جبل بيت المقدس الذي بعث الله منه عيسى- واستعلن من جبال فاران – يعني: جبال مكة التي أرسل الله منها محمدًا صلى الله عليه وسلم)
.................................................. ..............
{لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4) ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (5) إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (6)}
4- وجملة : { لَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان في أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ . . . } وما عطف عليه جواب القسم .
والمعنى:لقد خلقنا جنس الإنسان مقوماً فى أحسن ما يكون من التعديل . متصفاً بأجمل ما يكون من الصفات . والتقويم فى الأصل : تصيير الشئ على الصورة التى ينبغى أن يكون عليها فى التعديل والتركيب . تقول : قومت الشئ تقويماً ، إذا جعلته على أحسن الوجوه التى ينبغى أن يكون عليها فى التعديل والتركيب . . وهذا الحسن يشمل الظاهر والباطن للإِنسان .
5- ثم أنزلنا درجته إلى أسفل سافلين- أي في الآخرة- بأن رددناه إلى النار لعدم قيامه بموجب ما خلقناه عليه , بسبب انحرافه عن الفطرة ، وإيثاره الغى على الرشد ، والكفر على الإِيمان ..
وقال بعض المفسرين: {رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ } أي: رددناه إلى أرذل العمر ، وهو الهرم بعد الشباب ، والضعف بعد القوة. ولكن المعنى الأول أرجح للاستثناء التالي.
6-إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات ، وساروا على مقتضى فطرتهم ، فأخلصوا لله - تعالى - العبادة والطاعة . . فلهم أجر غير مقطوع عنهم أو غير ممنون به عليهم ، بل هم قد اكتسبوا هذا الأجر الدائم العظيم ، بسبب إيمانهم وعملهم الصالح .
.................................................. ....................
{فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ (7) أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ ( }
7-والمعنى : فأى شئ يحملك - أيها الإِنسان - على التكذيب بالدين وبالبعث وبالجزاء ؟!، بعد أن خلقناك فى أحسن تقويم ،وأريناك قدرتنا؟
8- أليس الله الذى فعل ما أنبأناك به بأحكم الحاكمين صنعاً وتدبيراً؟! والاستفهام فى قوله - تعالى - : { أَلَيْسَ الله بِأَحْكَمِ الحاكمين } للتقرير : فكأنه - تعالى - يقول : إن الذى فعل ذلك كله هو أحكم الحاكمين خلقاً وإيجاداً . وصنعاً وتدبيراً ، وقضاء وتقديراً ، فيجب على كل عاقل أن يخلص له العبادة والطاعة وأن يتبع رسوله صلى الله عليه وسلم فى كل ما جاء به من عند ربه - عز وجل - .
بسم الله الرحمن الرحيم
{ وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1) وَطُورِ سِينِينَ (2) وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (3) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4) ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (5) إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (6) فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ (7) أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ ( }
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
بين يدي السورة:
مكية / مدنية: مكية
الترتيب في المصحف:95
الترتيب في النزول:28
عدد آياتها:8
عدد كلماتها:34
عدد حروفها:156
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
التفسير:
{وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1) وَطُورِ سِينِينَ (2) وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (3)}
1- أقسم الله تعالى بالتين والزيتون لبركتهما وعظيم منفعتهما . قال ابن عباس وغيره : هو تينكم الذى تأكلون ، وزيتونكم الذى تعصرون منه الزيت . قال - تعالى - : { وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَآءَ تَنبُتُ بالدهن وَصِبْغٍ لِّلآكِلِيِنَ }[المؤمنون: 20] وهى شجرة الزيتون .
2- وأقسم بالجبل الذى كلَّم الله عليه موسى . قال الإِمام الشوكانى : " وطور سينين " هو الجبل الذى كلم الله عليه موسى ، اسمه الطور . ومعنى سينين : المبارك الحسن . . وقال مجاهد : سينين كل جبل فيه شجر مثمر ، فهو سينين وسيناء . وقال الأخفش : طور : جبل . وسينين شجر ، واحدته سينه ، ولم ينصرف سينين كما لم ينصرف سيناء ، لأنه جعل اسمًا للبقعة .
3- وهذا البلد – أي:مكة المكرمة ، وسمى بالأمين لأن من دخله كان آمنا ، وقد حرمها - تعالى - على جميع خلقه ، وحرم شجرها وحيوانها ،قال تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ }[العنكبوت67 ]وفى الحديث الصحيح أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ يَوْمَ الْفَتْحِ فَقَالَ:" إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ مَكَّةَ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ فَهِيَ حَرَامٌ بِحَرَامِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ, لَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي, وَلَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ بَعْدِي, وَلَمْ تَحْلِلْ لِي قَطُّ إِلَّا سَاعَةً مِنْ الدَّهْر,ِ لَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا, وَلَا يُعْضَدُ شَوْكُهَا وَلَا يُخْتَلَى خَلَاهَا ,وَلَا تَحِلُّ لُقَطَتُهَا إِلَّا لِمُنْشِدٍ, فَقَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ: إِلَّا الْإِذْخِرَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ لِلْقَيْنِ وَالْبُيُوتِ, فَسَكَتَ ثُمَّ قَالَ : إِلَّا الْإِذْخِرَ فَإِنَّهُ حَلَالٌ . " .
فائدة:اعلم أن الله - تعالى – له أن يقسم بما شاء من مخلوقاته ، فهو صاحب الخلق والأمر ، تبارك الله رب العالمين . والغرض من القسم بتلك الأشياء : الإبانة عن شرف البقاع المباركة ، وما ظهر فيها من الخير والبركة ببعثة الأنبياء والمرسلين . وقال ابن كثير : ذهب بعض الأئمة إلى أن هذه محال ثلاث ، بعث الله في كل منها نبيًا مرسلاً من أولي العزم ، أصحاب الشرائع الكبار ، فالأول : محلة التين والزيتون وهي " بيت المقدس " التي بعث الله فيها عيسى عليه السلام ، والثاني : طور سينين وهو " طور سيناء " الذي كلم الله عليه موسى بن عمران ، والثالث : البلد الأمين الذي مَن دخله كان آمنا ، وهو الذي أرسل الله فيه محمدًا صلى الله عليه وسلم . وقد جاء في آخر التوراة ذكر هذه الأماكن الثلاثة: (جاء الله من طور سيناء – يعني:الجبل الذي كلم الله عليه موسى- وأشرق من ساعير- يعني :جبل بيت المقدس الذي بعث الله منه عيسى- واستعلن من جبال فاران – يعني: جبال مكة التي أرسل الله منها محمدًا صلى الله عليه وسلم)
.................................................. ..............
{لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4) ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (5) إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (6)}
4- وجملة : { لَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان في أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ . . . } وما عطف عليه جواب القسم .
والمعنى:لقد خلقنا جنس الإنسان مقوماً فى أحسن ما يكون من التعديل . متصفاً بأجمل ما يكون من الصفات . والتقويم فى الأصل : تصيير الشئ على الصورة التى ينبغى أن يكون عليها فى التعديل والتركيب . تقول : قومت الشئ تقويماً ، إذا جعلته على أحسن الوجوه التى ينبغى أن يكون عليها فى التعديل والتركيب . . وهذا الحسن يشمل الظاهر والباطن للإِنسان .
5- ثم أنزلنا درجته إلى أسفل سافلين- أي في الآخرة- بأن رددناه إلى النار لعدم قيامه بموجب ما خلقناه عليه , بسبب انحرافه عن الفطرة ، وإيثاره الغى على الرشد ، والكفر على الإِيمان ..
وقال بعض المفسرين: {رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ } أي: رددناه إلى أرذل العمر ، وهو الهرم بعد الشباب ، والضعف بعد القوة. ولكن المعنى الأول أرجح للاستثناء التالي.
6-إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات ، وساروا على مقتضى فطرتهم ، فأخلصوا لله - تعالى - العبادة والطاعة . . فلهم أجر غير مقطوع عنهم أو غير ممنون به عليهم ، بل هم قد اكتسبوا هذا الأجر الدائم العظيم ، بسبب إيمانهم وعملهم الصالح .
.................................................. ....................
{فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ (7) أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ ( }
7-والمعنى : فأى شئ يحملك - أيها الإِنسان - على التكذيب بالدين وبالبعث وبالجزاء ؟!، بعد أن خلقناك فى أحسن تقويم ،وأريناك قدرتنا؟
8- أليس الله الذى فعل ما أنبأناك به بأحكم الحاكمين صنعاً وتدبيراً؟! والاستفهام فى قوله - تعالى - : { أَلَيْسَ الله بِأَحْكَمِ الحاكمين } للتقرير : فكأنه - تعالى - يقول : إن الذى فعل ذلك كله هو أحكم الحاكمين خلقاً وإيجاداً . وصنعاً وتدبيراً ، وقضاء وتقديراً ، فيجب على كل عاقل أن يخلص له العبادة والطاعة وأن يتبع رسوله صلى الله عليه وسلم فى كل ما جاء به من عند ربه - عز وجل - .