ودعا العباد الى الرضا من خلال التأمل فى احوال الدنيا الخداعة وفي احوال الناس التي لا تخلو من مصيبة أو مشكلة ، لافتا الى ان الرضا نوعين، اولهما الرضا بما قسمه الله على العبد بقلب مطمئن ونفس راضية لحديث النبي صلى الله عليه وسلم " إنما الصبر عند الصدمة الأولى" وقوله تعالى "وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون".
اما النوع الاخر فقال انه الرضا بالقضاء وهو من أعظم عبادات القلب أثرا في النفس، فالرضا يوجب طمأنينة القلب يوجب سكونه عند الأزمات، والراضون المسلمون كلما اشتدت عليهم الأزمات لسان حالهم يقول هذا ما وعدنا الله ورسوله صدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانا وتسليما، مبينا ان الرجال تصنعهم المحن وعند الشدائد يتبين الذهب ويتضح الإيمان كما كتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه إلى أبي موسى الأشعري (أما بعد فإن الخير كله في الرضا فإن استطعت أن ترضى وإلا فاصبر يعني الصبر منزلة دون الرضا(،وكما قال صلى الله عليه وسلم (عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير إن أصابته سراء شكر فكان خير له وإن أصابته ضراء صبر فكان خير له وليس ذلك إلا للمؤمن).
واوضح البوطي ان الناقمين على الحياة والفاقدين للرضا لا تجدهم الا فى صراخ وعويل دائم، فتارة يتخبتون كمن يهيم على وجهه من المس وتارة لا يجدون سوى المخدرات والمسكرات ملجا لهم وربما تختتم حياته بالجنون او الانتحار، وعبر عنهم بانهم الساخطون الغاضبون إن أصابهم خير اطمأنوا به وإن أصابتهم فتنة انقلبوا على وجوههم خسروا الدنيا والآخرة لسان حالهم يقول ما وعدنا الله ورسوله إلا غروراً .
وقال البوطي ان السخط يوجب الشك في الله، ويوجب الشك في قضاء الله وقدره وأن الله بخسه وحرمه وابتلاه ومنعه، وذلك بأنهم اتبعوا ما اسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم.