السلام عليكم
تعريف الأشهر الحرم:
الأشهر الحُرُمْ هي أربعة أشهر من الأشهر القمرية [1] حُرِّمَ فيها القتال منذ عهد إبراهيم الخليل ( عليه السَّلام ) ، و كان هذا التحريم نافذاً حتى زمن الجاهلية قبل الإسلام ، و عندما جاء الإسلام أقرَّ حرمتها، و لذلك تُسَمَّى بالأشهر الحُرُمْ، و قد أشار القرآن الكريم إلى حرمة ابتداء قتال الأعداء في هذه الأشهر، كما أشار إلى لزوم مقاتلتهم إذا إنتقضوا حرمة هذه الأشهر و بدؤا القتال.
قال الله عَزَّ و جَلَّ : ﴿ إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ﴾ [2] .
و قال تعالى: ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [3] .
و قال جَلَّ جَلالُه: ﴿ فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ [4] .
و قال عَزَّ مِنْ قائل: ﴿ الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ﴾ [5] .
و قال سبحانه و تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ اللّهِ وَلاَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلاَ الْهَدْيَ وَلاَ الْقَلآئِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَانًا وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُواْ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [6] .
و قال عَزَّ و جَلَّ: ﴿ جَعَلَ اللّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِّلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلاَئِدَ ذَلِكَ لِتَعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَأَنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [7] .
ما هي الأشهر الحرم؟
ذكر العلامة الطبرسي ( رحمه الله ) أن الأشهر الحُرُمْ ثلاثة منها متوالية ، و هي : ذو القعدة ، و ذو الحجة ، و المحرم ، و شهر منفصل عنها ، و هو شهر رجب، و قال ( رحمه الله ): عند تفسير قول الله عَزَّ و جَلَّ: ﴿ ... مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ... ﴾ [8] : أي من هذه الاثني عشر شهرا أربعة أشهر حرم ثلاثة منها سرد ذو القعدة و ذو الحجة و المحرم، و واحد فرد و هو رجب [9] لكن زرارة روى عن الإمام محمد بن علي الباقر ( عليه السَّلام ) أنَّهُ قالَ ـ في حديث طويل ـ: "مَا خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بُقْعَةً فِي الْأَرْضِ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْهَا ـ ثُمَّ أَوْمَأَ بِيَدِهِ نَحْوَ الْكَعْبَةِ ـ وَ لَا أَكْرَمَ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْهَا، لَهَا حَرَّمَ اللَّهُ الْأَشْهُرَ الْحُرُمَ فِي كِتَابِهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضَ، ثَلَاثَةٌ مُتَوَالِيَةٌ لِلْحَجِّ: شَوَّالٌ، وَ ذُو الْقَعْدَةِ، وَ ذُو الْحِجَّةِ، وَ شَهْرٌ مُفْرَدٌ لِلْعُمْرَةِ، وَ هُوَ رَجَبٌ" [10] .
العرب و الأشهر الحرم:
كان العرب في عصر الجاهلية يغيِّرون الأشهر الحرم أحيانا تبعا لميولهم و أهوائهم و منافعهم، الأمر الذي كان يُعرف بالنسيء، فكانوا مثلاً يجعلون لشهر محرم بدلاً من الأشهر الأخرى كشهر صفر فيحرمونه بدل شهر محرم حتى لا يتوقف القتال عندهم ثلاثة أشهر متوالية كما حدث لأحد زعماء قبيلة بني كنانة، إذ خطب في موسم الحج بمنى و قال: إنّني أخَّرت المحرم هذا العام و انتخبت شهر صفر مكانه.
و قد رُوي عن ابن عباس: إنّ أوّل من سنّ هذه السنّة هو عمرو بن لحي، و قال بعضهم: بل هو قلمس "من بني كنانة".
معنى النسيء:
من الواضح أن تغيير الأشهر الحرم إنما هو إعتداء سافر على الحدود الإلهية، و تلاعب بأحكام الشريعة، و لذلك نجد القرآن الكريم يقول: ﴿ إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُواْ ... ﴾ [11] حيث كان العرب قبل الإسلام يتخذون قراراً في أحد الأعوام بحليّة شهر من الأشهر الحرم و تحريم أحد الأشهر الحلال مكانه للمحافظة على العدد أربعة ﴿ ... يُحِلِّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِّيُوَاطِؤُواْ عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللّهُ فَيُحِلُّواْ مَا حَرَّمَ اللّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ﴾ [12] !
من أحكام الأشهر الحُرُم:
للأشهر الحرم أحكاماً خاصة ليست لغيرها من الأشهر الأخرى، و من تلك الأحكام:
1. حرمة إبتداء قتال الأعداء.
2. تضاعف الذنوب.
3. تضاعف الثواب و الحسنات.
4. زيادة الديات.
فَقَدْ رَوَى عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ فِي تَفْسِيرِهِ، الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ رَجَبٌ مُفْرَدٌ، وَ ذُو الْقَعْدَةِ وَ ذُو الْحِجَّةِ وَ مُحَرَّمٌ مُتَّصِلَةٌ، حَرَّمَ اللَّهُ فِيهَا الْقِتَالَ، وَ يُضَاعَفُ فِيهَا الذُّنُوبُ وَ كَذَلِكَ الْحَسَنَاتُ" [13] .
وَ عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ أي الإمام محمد بن علي الباقر ( عليه السَّلام ) ، خامس أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) . ( عليه السَّلام ) أنَّهُ قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ قَتَلَ رَجُلًا خَطَأً فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ؟
قَالَ: "تُغَلَّظُ عَلَيْهِ الدِّيَةُ، وَ عَلَيْهِ عِتْقُ رَقَبَةٍ أَوْ صِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ أَشْهُرِ الْحُرُمِ" [14] .
وَ عَنْ كُلَيْبٍ الْأَسَدِيِّ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أي الإمام جعفر بن محمد الصَّادق ( عليه السَّلام ) ، سادس أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) . ( عليه السَّلام ) عَنِ الرَّجُلِ يُقْتَلُ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ مَا دِيَتُهُ؟
قَالَ: "دِيَةٌ وَ ثُلُثٌ" [15] .
و في تفسير القمي في تفسير قول الله عَزَّ و جَلَّ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ اللّهِ وَلاَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ ... ﴾ [16] .
هُوَ ذُو الْحِجَّةِ وَ هُوَ مِنَ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ وَ لَا الْهَدْيَ هُوَ الَّذِي يَسُوقُهُ إِذَا أَحْرَمَ وَ لَا الْقَلائِدَ قَالَ يُقَلِّدُهُ بِالنَّعْلِ الَّذِي قَدْ صَلَّى فِيهَا وَ لَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ قَالَ الَّذِينَ يَحُجُّونَ الْبَيْتَ [17] .
تعريف الأشهر الحرم:
الأشهر الحُرُمْ هي أربعة أشهر من الأشهر القمرية [1] حُرِّمَ فيها القتال منذ عهد إبراهيم الخليل ( عليه السَّلام ) ، و كان هذا التحريم نافذاً حتى زمن الجاهلية قبل الإسلام ، و عندما جاء الإسلام أقرَّ حرمتها، و لذلك تُسَمَّى بالأشهر الحُرُمْ، و قد أشار القرآن الكريم إلى حرمة ابتداء قتال الأعداء في هذه الأشهر، كما أشار إلى لزوم مقاتلتهم إذا إنتقضوا حرمة هذه الأشهر و بدؤا القتال.
قال الله عَزَّ و جَلَّ : ﴿ إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ﴾ [2] .
و قال تعالى: ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [3] .
و قال جَلَّ جَلالُه: ﴿ فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ [4] .
و قال عَزَّ مِنْ قائل: ﴿ الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ﴾ [5] .
و قال سبحانه و تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ اللّهِ وَلاَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلاَ الْهَدْيَ وَلاَ الْقَلآئِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَانًا وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُواْ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [6] .
و قال عَزَّ و جَلَّ: ﴿ جَعَلَ اللّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِّلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلاَئِدَ ذَلِكَ لِتَعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَأَنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [7] .
ما هي الأشهر الحرم؟
ذكر العلامة الطبرسي ( رحمه الله ) أن الأشهر الحُرُمْ ثلاثة منها متوالية ، و هي : ذو القعدة ، و ذو الحجة ، و المحرم ، و شهر منفصل عنها ، و هو شهر رجب، و قال ( رحمه الله ): عند تفسير قول الله عَزَّ و جَلَّ: ﴿ ... مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ... ﴾ [8] : أي من هذه الاثني عشر شهرا أربعة أشهر حرم ثلاثة منها سرد ذو القعدة و ذو الحجة و المحرم، و واحد فرد و هو رجب [9] لكن زرارة روى عن الإمام محمد بن علي الباقر ( عليه السَّلام ) أنَّهُ قالَ ـ في حديث طويل ـ: "مَا خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بُقْعَةً فِي الْأَرْضِ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْهَا ـ ثُمَّ أَوْمَأَ بِيَدِهِ نَحْوَ الْكَعْبَةِ ـ وَ لَا أَكْرَمَ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْهَا، لَهَا حَرَّمَ اللَّهُ الْأَشْهُرَ الْحُرُمَ فِي كِتَابِهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضَ، ثَلَاثَةٌ مُتَوَالِيَةٌ لِلْحَجِّ: شَوَّالٌ، وَ ذُو الْقَعْدَةِ، وَ ذُو الْحِجَّةِ، وَ شَهْرٌ مُفْرَدٌ لِلْعُمْرَةِ، وَ هُوَ رَجَبٌ" [10] .
العرب و الأشهر الحرم:
كان العرب في عصر الجاهلية يغيِّرون الأشهر الحرم أحيانا تبعا لميولهم و أهوائهم و منافعهم، الأمر الذي كان يُعرف بالنسيء، فكانوا مثلاً يجعلون لشهر محرم بدلاً من الأشهر الأخرى كشهر صفر فيحرمونه بدل شهر محرم حتى لا يتوقف القتال عندهم ثلاثة أشهر متوالية كما حدث لأحد زعماء قبيلة بني كنانة، إذ خطب في موسم الحج بمنى و قال: إنّني أخَّرت المحرم هذا العام و انتخبت شهر صفر مكانه.
و قد رُوي عن ابن عباس: إنّ أوّل من سنّ هذه السنّة هو عمرو بن لحي، و قال بعضهم: بل هو قلمس "من بني كنانة".
معنى النسيء:
من الواضح أن تغيير الأشهر الحرم إنما هو إعتداء سافر على الحدود الإلهية، و تلاعب بأحكام الشريعة، و لذلك نجد القرآن الكريم يقول: ﴿ إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُواْ ... ﴾ [11] حيث كان العرب قبل الإسلام يتخذون قراراً في أحد الأعوام بحليّة شهر من الأشهر الحرم و تحريم أحد الأشهر الحلال مكانه للمحافظة على العدد أربعة ﴿ ... يُحِلِّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِّيُوَاطِؤُواْ عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللّهُ فَيُحِلُّواْ مَا حَرَّمَ اللّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ﴾ [12] !
من أحكام الأشهر الحُرُم:
للأشهر الحرم أحكاماً خاصة ليست لغيرها من الأشهر الأخرى، و من تلك الأحكام:
1. حرمة إبتداء قتال الأعداء.
2. تضاعف الذنوب.
3. تضاعف الثواب و الحسنات.
4. زيادة الديات.
فَقَدْ رَوَى عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ فِي تَفْسِيرِهِ، الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ رَجَبٌ مُفْرَدٌ، وَ ذُو الْقَعْدَةِ وَ ذُو الْحِجَّةِ وَ مُحَرَّمٌ مُتَّصِلَةٌ، حَرَّمَ اللَّهُ فِيهَا الْقِتَالَ، وَ يُضَاعَفُ فِيهَا الذُّنُوبُ وَ كَذَلِكَ الْحَسَنَاتُ" [13] .
وَ عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ أي الإمام محمد بن علي الباقر ( عليه السَّلام ) ، خامس أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) . ( عليه السَّلام ) أنَّهُ قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ قَتَلَ رَجُلًا خَطَأً فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ؟
قَالَ: "تُغَلَّظُ عَلَيْهِ الدِّيَةُ، وَ عَلَيْهِ عِتْقُ رَقَبَةٍ أَوْ صِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ أَشْهُرِ الْحُرُمِ" [14] .
وَ عَنْ كُلَيْبٍ الْأَسَدِيِّ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أي الإمام جعفر بن محمد الصَّادق ( عليه السَّلام ) ، سادس أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) . ( عليه السَّلام ) عَنِ الرَّجُلِ يُقْتَلُ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ مَا دِيَتُهُ؟
قَالَ: "دِيَةٌ وَ ثُلُثٌ" [15] .
و في تفسير القمي في تفسير قول الله عَزَّ و جَلَّ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ اللّهِ وَلاَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ ... ﴾ [16] .
هُوَ ذُو الْحِجَّةِ وَ هُوَ مِنَ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ وَ لَا الْهَدْيَ هُوَ الَّذِي يَسُوقُهُ إِذَا أَحْرَمَ وَ لَا الْقَلائِدَ قَالَ يُقَلِّدُهُ بِالنَّعْلِ الَّذِي قَدْ صَلَّى فِيهَا وَ لَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ قَالَ الَّذِينَ يَحُجُّونَ الْبَيْتَ [17] .
تعريف الأشهر الحرم:
الأشهر الحُرُمْ هي أربعة أشهر من الأشهر القمرية [1] حُرِّمَ فيها القتال منذ عهد إبراهيم الخليل ( عليه السَّلام ) ، و كان هذا التحريم نافذاً حتى زمن الجاهلية قبل الإسلام ، و عندما جاء الإسلام أقرَّ حرمتها، و لذلك تُسَمَّى بالأشهر الحُرُمْ، و قد أشار القرآن الكريم إلى حرمة ابتداء قتال الأعداء في هذه الأشهر، كما أشار إلى لزوم مقاتلتهم إذا إنتقضوا حرمة هذه الأشهر و بدؤا القتال.
قال الله عَزَّ و جَلَّ : ﴿ إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ﴾ [2] .
و قال تعالى: ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [3] .
و قال جَلَّ جَلالُه: ﴿ فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ [4] .
و قال عَزَّ مِنْ قائل: ﴿ الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ﴾ [5] .
و قال سبحانه و تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ اللّهِ وَلاَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلاَ الْهَدْيَ وَلاَ الْقَلآئِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَانًا وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُواْ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [6] .
و قال عَزَّ و جَلَّ: ﴿ جَعَلَ اللّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِّلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلاَئِدَ ذَلِكَ لِتَعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَأَنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [7] .
ما هي الأشهر الحرم؟
ذكر العلامة الطبرسي ( رحمه الله ) أن الأشهر الحُرُمْ ثلاثة منها متوالية ، و هي : ذو القعدة ، و ذو الحجة ، و المحرم ، و شهر منفصل عنها ، و هو شهر رجب، و قال ( رحمه الله ): عند تفسير قول الله عَزَّ و جَلَّ: ﴿ ... مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ... ﴾ [8] : أي من هذه الاثني عشر شهرا أربعة أشهر حرم ثلاثة منها سرد ذو القعدة و ذو الحجة و المحرم، و واحد فرد و هو رجب [9] لكن زرارة روى عن الإمام محمد بن علي الباقر ( عليه السَّلام ) أنَّهُ قالَ ـ في حديث طويل ـ: "مَا خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بُقْعَةً فِي الْأَرْضِ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْهَا ـ ثُمَّ أَوْمَأَ بِيَدِهِ نَحْوَ الْكَعْبَةِ ـ وَ لَا أَكْرَمَ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْهَا، لَهَا حَرَّمَ اللَّهُ الْأَشْهُرَ الْحُرُمَ فِي كِتَابِهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضَ، ثَلَاثَةٌ مُتَوَالِيَةٌ لِلْحَجِّ: شَوَّالٌ، وَ ذُو الْقَعْدَةِ، وَ ذُو الْحِجَّةِ، وَ شَهْرٌ مُفْرَدٌ لِلْعُمْرَةِ، وَ هُوَ رَجَبٌ" [10] .
العرب و الأشهر الحرم:
كان العرب في عصر الجاهلية يغيِّرون الأشهر الحرم أحيانا تبعا لميولهم و أهوائهم و منافعهم، الأمر الذي كان يُعرف بالنسيء، فكانوا مثلاً يجعلون لشهر محرم بدلاً من الأشهر الأخرى كشهر صفر فيحرمونه بدل شهر محرم حتى لا يتوقف القتال عندهم ثلاثة أشهر متوالية كما حدث لأحد زعماء قبيلة بني كنانة، إذ خطب في موسم الحج بمنى و قال: إنّني أخَّرت المحرم هذا العام و انتخبت شهر صفر مكانه.
و قد رُوي عن ابن عباس: إنّ أوّل من سنّ هذه السنّة هو عمرو بن لحي، و قال بعضهم: بل هو قلمس "من بني كنانة".
معنى النسيء:
من الواضح أن تغيير الأشهر الحرم إنما هو إعتداء سافر على الحدود الإلهية، و تلاعب بأحكام الشريعة، و لذلك نجد القرآن الكريم يقول: ﴿ إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُواْ ... ﴾ [11] حيث كان العرب قبل الإسلام يتخذون قراراً في أحد الأعوام بحليّة شهر من الأشهر الحرم و تحريم أحد الأشهر الحلال مكانه للمحافظة على العدد أربعة ﴿ ... يُحِلِّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِّيُوَاطِؤُواْ عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللّهُ فَيُحِلُّواْ مَا حَرَّمَ اللّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ﴾ [12] !
من أحكام الأشهر الحُرُم:
للأشهر الحرم أحكاماً خاصة ليست لغيرها من الأشهر الأخرى، و من تلك الأحكام:
1. حرمة إبتداء قتال الأعداء.
2. تضاعف الذنوب.
3. تضاعف الثواب و الحسنات.
4. زيادة الديات.
فَقَدْ رَوَى عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ فِي تَفْسِيرِهِ، الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ رَجَبٌ مُفْرَدٌ، وَ ذُو الْقَعْدَةِ وَ ذُو الْحِجَّةِ وَ مُحَرَّمٌ مُتَّصِلَةٌ، حَرَّمَ اللَّهُ فِيهَا الْقِتَالَ، وَ يُضَاعَفُ فِيهَا الذُّنُوبُ وَ كَذَلِكَ الْحَسَنَاتُ" [13] .
وَ عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ أي الإمام محمد بن علي الباقر ( عليه السَّلام ) ، خامس أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) . ( عليه السَّلام ) أنَّهُ قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ قَتَلَ رَجُلًا خَطَأً فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ؟
قَالَ: "تُغَلَّظُ عَلَيْهِ الدِّيَةُ، وَ عَلَيْهِ عِتْقُ رَقَبَةٍ أَوْ صِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ أَشْهُرِ الْحُرُمِ" [14] .
وَ عَنْ كُلَيْبٍ الْأَسَدِيِّ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أي الإمام جعفر بن محمد الصَّادق ( عليه السَّلام ) ، سادس أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) . ( عليه السَّلام ) عَنِ الرَّجُلِ يُقْتَلُ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ مَا دِيَتُهُ؟
قَالَ: "دِيَةٌ وَ ثُلُثٌ" [15] .
و في تفسير القمي في تفسير قول الله عَزَّ و جَلَّ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ اللّهِ وَلاَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ ... ﴾ [16] .
هُوَ ذُو الْحِجَّةِ وَ هُوَ مِنَ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ وَ لَا الْهَدْيَ هُوَ الَّذِي يَسُوقُهُ إِذَا أَحْرَمَ وَ لَا الْقَلائِدَ قَالَ يُقَلِّدُهُ بِالنَّعْلِ الَّذِي قَدْ صَلَّى فِيهَا وَ لَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ قَالَ الَّذِينَ يَحُجُّونَ الْبَيْتَ [17] .
تعريف الأشهر الحرم:
الأشهر الحُرُمْ هي أربعة أشهر من الأشهر القمرية [1] حُرِّمَ فيها القتال منذ عهد إبراهيم الخليل ( عليه السَّلام ) ، و كان هذا التحريم نافذاً حتى زمن الجاهلية قبل الإسلام ، و عندما جاء الإسلام أقرَّ حرمتها، و لذلك تُسَمَّى بالأشهر الحُرُمْ، و قد أشار القرآن الكريم إلى حرمة ابتداء قتال الأعداء في هذه الأشهر، كما أشار إلى لزوم مقاتلتهم إذا إنتقضوا حرمة هذه الأشهر و بدؤا القتال.
قال الله عَزَّ و جَلَّ : ﴿ إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ﴾ [2] .
و قال تعالى: ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [3] .
و قال جَلَّ جَلالُه: ﴿ فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ [4] .
و قال عَزَّ مِنْ قائل: ﴿ الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ﴾ [5] .
و قال سبحانه و تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ اللّهِ وَلاَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلاَ الْهَدْيَ وَلاَ الْقَلآئِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَانًا وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُواْ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [6] .
و قال عَزَّ و جَلَّ: ﴿ جَعَلَ اللّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِّلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلاَئِدَ ذَلِكَ لِتَعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَأَنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [7] .
ما هي الأشهر الحرم؟
ذكر العلامة الطبرسي ( رحمه الله ) أن الأشهر الحُرُمْ ثلاثة منها متوالية ، و هي : ذو القعدة ، و ذو الحجة ، و المحرم ، و شهر منفصل عنها ، و هو شهر رجب، و قال ( رحمه الله ): عند تفسير قول الله عَزَّ و جَلَّ: ﴿ ... مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ... ﴾ [8] : أي من هذه الاثني عشر شهرا أربعة أشهر حرم ثلاثة منها سرد ذو القعدة و ذو الحجة و المحرم، و واحد فرد و هو رجب [9] لكن زرارة روى عن الإمام محمد بن علي الباقر ( عليه السَّلام ) أنَّهُ قالَ ـ في حديث طويل ـ: "مَا خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بُقْعَةً فِي الْأَرْضِ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْهَا ـ ثُمَّ أَوْمَأَ بِيَدِهِ نَحْوَ الْكَعْبَةِ ـ وَ لَا أَكْرَمَ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْهَا، لَهَا حَرَّمَ اللَّهُ الْأَشْهُرَ الْحُرُمَ فِي كِتَابِهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضَ، ثَلَاثَةٌ مُتَوَالِيَةٌ لِلْحَجِّ: شَوَّالٌ، وَ ذُو الْقَعْدَةِ، وَ ذُو الْحِجَّةِ، وَ شَهْرٌ مُفْرَدٌ لِلْعُمْرَةِ، وَ هُوَ رَجَبٌ" [10] .
العرب و الأشهر الحرم:
كان العرب في عصر الجاهلية يغيِّرون الأشهر الحرم أحيانا تبعا لميولهم و أهوائهم و منافعهم، الأمر الذي كان يُعرف بالنسيء، فكانوا مثلاً يجعلون لشهر محرم بدلاً من الأشهر الأخرى كشهر صفر فيحرمونه بدل شهر محرم حتى لا يتوقف القتال عندهم ثلاثة أشهر متوالية كما حدث لأحد زعماء قبيلة بني كنانة، إذ خطب في موسم الحج بمنى و قال: إنّني أخَّرت المحرم هذا العام و انتخبت شهر صفر مكانه.
و قد رُوي عن ابن عباس: إنّ أوّل من سنّ هذه السنّة هو عمرو بن لحي، و قال بعضهم: بل هو قلمس "من بني كنانة".
معنى النسيء:
من الواضح أن تغيير الأشهر الحرم إنما هو إعتداء سافر على الحدود الإلهية، و تلاعب بأحكام الشريعة، و لذلك نجد القرآن الكريم يقول: ﴿ إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُواْ ... ﴾ [11] حيث كان العرب قبل الإسلام يتخذون قراراً في أحد الأعوام بحليّة شهر من الأشهر الحرم و تحريم أحد الأشهر الحلال مكانه للمحافظة على العدد أربعة ﴿ ... يُحِلِّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِّيُوَاطِؤُواْ عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللّهُ فَيُحِلُّواْ مَا حَرَّمَ اللّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ﴾ [12] !
من أحكام الأشهر الحُرُم:
للأشهر الحرم أحكاماً خاصة ليست لغيرها من الأشهر الأخرى، و من تلك الأحكام:
1. حرمة إبتداء قتال الأعداء.
2. تضاعف الذنوب.
3. تضاعف الثواب و الحسنات.
4. زيادة الديات.
فَقَدْ رَوَى عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ فِي تَفْسِيرِهِ، الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ رَجَبٌ مُفْرَدٌ، وَ ذُو الْقَعْدَةِ وَ ذُو الْحِجَّةِ وَ مُحَرَّمٌ مُتَّصِلَةٌ، حَرَّمَ اللَّهُ فِيهَا الْقِتَالَ، وَ يُضَاعَفُ فِيهَا الذُّنُوبُ وَ كَذَلِكَ الْحَسَنَاتُ" [13] .
وَ عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ أي الإمام محمد بن علي الباقر ( عليه السَّلام ) ، خامس أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) . ( عليه السَّلام ) أنَّهُ قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ قَتَلَ رَجُلًا خَطَأً فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ؟
قَالَ: "تُغَلَّظُ عَلَيْهِ الدِّيَةُ، وَ عَلَيْهِ عِتْقُ رَقَبَةٍ أَوْ صِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ أَشْهُرِ الْحُرُمِ" [14] .
وَ عَنْ كُلَيْبٍ الْأَسَدِيِّ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أي الإمام جعفر بن محمد الصَّادق ( عليه السَّلام ) ، سادس أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) . ( عليه السَّلام ) عَنِ الرَّجُلِ يُقْتَلُ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ مَا دِيَتُهُ؟
قَالَ: "دِيَةٌ وَ ثُلُثٌ" [15] .
و في تفسير القمي في تفسير قول الله عَزَّ و جَلَّ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ اللّهِ وَلاَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ ... ﴾ [16] .
هُوَ ذُو الْحِجَّةِ وَ هُوَ مِنَ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ وَ لَا الْهَدْيَ هُوَ الَّذِي يَسُوقُهُ إِذَا أَحْرَمَ وَ لَا الْقَلائِدَ قَالَ يُقَلِّدُهُ بِالنَّعْلِ الَّذِي قَدْ صَلَّى فِيهَا وَ لَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ قَالَ الَّذِينَ يَحُجُّونَ الْبَيْتَ [17] .