جمال عبد الناصر…
شخصية لن ينساها التاريخ/
مما لا شك فيه أن الرئيس جمال عبد الناصر كان صاحب كاريزما جعلته الأكثر شهرة وشعبية بين الرؤساء العرب. فقد احتل مكانة مرموقة في قلوب الملايين من أبناء الأمة العربية، حيث كان وما زال يمثل رمزا للوحدة العربية والكرامة والإستقلال والإستغناء عن النفوذ الغربي في أذهانهم وذاكرتهم.
وكأي قائد أو رمز أو رئيس، فإنه من الطبيعي جدا أن تتباين وتتضارب الآراء حول شخصيته وإنجازاته، نظرا لإختلاف المصالح والأهداف والأولويات، فهناك من كان يؤيده، وهناك من كان يعارضه.
لكن يبقى جمال عبد الناصر بالنسبة للغالبية العظمى من أبناء الأمة العربية، مثالا للقائد البطل النزيه الحريص على مصالح الأمة أولا وأخيرا، ومثالا للقائد الرافض لأي إستعمار أو أي هيمنة غربية على أي جزء من البلاد العربية، فقد رفض الإستعمار البريطاني في مصر تماما كما رفض الملكية القابعة تحت حكم وهيمنة هذا الإستعمار، فكانت ثورة 23 يوليو 1952 التي قضت على الملكية المسيطر عليها من قبل الإستعمار البريطاني الذي قام باستغلال موارد أرض مصر والتحكم في جل شؤونها، والسيطرة الكاملة عليها، وإعطاء الإقطاعيين الفرصة بالتحكم بثروات الأرض على حساب طبقة الفلاحين المعدمة. ثم كانت اتفاقية الجلاء مع بريطانيا عام 1954 التي أسفرت عن خروج آخر جندي بريطاني عن مصر في 18 يونيو .1956
وقد شهدت جميع المرافق في والصناعي عهد جمال عبد الناصر إزدهارا كبيرا، حيث إزدهر القطاع الزراعي والتعليمي بشكل ملحوظ، فقد تم إنجاز العديد من المشاريع في عهده. منها توفير التعليم المجاني لجميع المراحل، ولجميع فئات المجتمع بجميع طبقاته، بحيث لم يعد مقتصرا على أبناء الطبقة الثرية فقط. كذلك قام بتأميم قناة السويس، إنشاء السد العالي على نهر النيل، تأميم البنوك الخاصة والأجنبية العاملة في مصر، إصدار قوانين الإصلاح الزراعي الذي تم بموجبه تمليك الأراضي لفلاحين مصر لأول مرة، وتحديد ملكيات الإقطاعيين، إنشاء التلفزيون عام 1960، تاسيس منظمة عدم الإنحياز، وغيرها من الإنجازات التي لا عد لها ولا حصر.
وقد كان دائما يتطلع إلى أمة عربية بعيدة عن أي نفوذ غربي، وتجلى ذلك بوضوح من خلال مساندته للحركات الثورية في الوطن العربي، منها عى سبيل المثال قيامه بإرسال القوات العسكرية إلى اليمن لمساعدة الثوار ضد الملكية آنذاك، كذلك مساندته لثورة الجزائر ضد الإستعمار الفرنسي، دعم القضية الفلسطينية والمساعدة في قيام منظمة التحرير الفلسطينية.
وقد كان من أبرز الزعماء المنادين إلى قيام أمة عربية واحدة لتشكيل قوة كبيرة ضد الأعداء وضد أي إستعمار لأي دولة عربية، وتمخض عن ذلك، الإتحاد الذي تم بين مصر و سورية لتشكيل الجمهورية العربية المتحدة التي لم تستمر طويلا نتيجة لإنقلاب الإقليم السوري عام 1961، ثم محاولته الإتحاد مع العراق وسوريه بعقد معاهدة وحدة بينهما، لم يكتب لها التوفيق بسبب وفاة الرئيس العراقي عبد السلام عارف آنذاك عام 1966.
وكما ذكرت سابقا، فإنه بالرغم من كل الإنجازات الكبيرة التي تمت في عهد جمال عبد الناصر، إلا أن منتقديه ومعارضيه كان لهم مآخذ كبيرة على شخصيته وعلى إنجازاته في فترة حكمه، بحيث وصفه البعض بأنه لم يكن حريصا على مصلحة الأمة كما كان يظن البعض، بل كان يضع شخصه، وحفظ مقامه عاليا بين الدول العربية ،على قائمة الأولويات في معظم إنجازاته. وانتقده البعض بسبب قيامه بالتدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية دون أي حق ودون أي هدف يذكر، وأن ذلك قد أدى ألى أرهاق مصر ماديا. إذ رأى الكثيرون منهم أن إرساله القوات العسكرية لليمن لمساعدة الثوار ضد الملكية الحاكمة آنذاك كان من أكبر الأخطاء الفادحة التي ارتكبها، حيث رأوا أن إرسال ما يقارب السبعين ألف جندي إلى اليمن لم يكن له هدف يبرره، وأن هذه المساندة أدت إلى إستنزاف الكثير من موارد مصر، وأدت إلى إضعاف القوة العسكرية لها والتي كانت من أحد العوامل الرئيسية التي أدت إلى هزيمة مصر أمام العدو الصهيوني عام 1967.
ولكن مهما تعددت الأراء، ومهما كثر أعداء ومعارضي جمال عبد الناصر، فإن ذلك لن يغير أي شيء من الحقيقة التي تجزم وبشدة بأن الرئيس جمال عبد الناصر سيبقى البطل الأسطورة في ذاكرة محبيه الذين وجدوا فيه الرمز للوحدة العربية التي نصبو إليها، والذين وجدوا فيه الشخصية المحافظة على الكرامة العربية، والذين وجدوا فيه الشخصية المحترمة النظيفة التي تنزهت عن أي مال وجاه.
كما لا يمكن لأحد أن ينسى ما كان لخطاباته من إجلال وإحترام بحيث كانت الشوارع تخلو من أي إنسان حين كان يلقي خطاباته، حيث كان جميع أبناء الأمة العربية يتجمعون حول المذياع لسماع خطابات الأمل والكرامة. وقد أطلق الكثير من العرب إسم جمال على أبنائهم تخليدا لهذا البطل الذي لن يتكرر عبر العصور. وقد كانت جنازته الأكبر في هذا العصر حيث شارك الملايين من جميع أنحاء الدول العربية في تشييعها ليوارى إلى مثواه الأخير. فرحمة الله على هذا الرمز الذي سيظل خالد مخلدا في ذاكرة كل عربي، والذي سيظل مفترشا ذلك الحيز الذهبي في قلوب من أحبوه، والذي ستبقى نظافة يده وتعففه عن إهدار المال العام مضرب مثل للرئيس الأمين، والذي ستكتب أمجاده على صفحة ناصعة البياض في ذاكرة التاريخ.
رحمه الله
شخصية لن ينساها التاريخ/
مما لا شك فيه أن الرئيس جمال عبد الناصر كان صاحب كاريزما جعلته الأكثر شهرة وشعبية بين الرؤساء العرب. فقد احتل مكانة مرموقة في قلوب الملايين من أبناء الأمة العربية، حيث كان وما زال يمثل رمزا للوحدة العربية والكرامة والإستقلال والإستغناء عن النفوذ الغربي في أذهانهم وذاكرتهم.
وكأي قائد أو رمز أو رئيس، فإنه من الطبيعي جدا أن تتباين وتتضارب الآراء حول شخصيته وإنجازاته، نظرا لإختلاف المصالح والأهداف والأولويات، فهناك من كان يؤيده، وهناك من كان يعارضه.
لكن يبقى جمال عبد الناصر بالنسبة للغالبية العظمى من أبناء الأمة العربية، مثالا للقائد البطل النزيه الحريص على مصالح الأمة أولا وأخيرا، ومثالا للقائد الرافض لأي إستعمار أو أي هيمنة غربية على أي جزء من البلاد العربية، فقد رفض الإستعمار البريطاني في مصر تماما كما رفض الملكية القابعة تحت حكم وهيمنة هذا الإستعمار، فكانت ثورة 23 يوليو 1952 التي قضت على الملكية المسيطر عليها من قبل الإستعمار البريطاني الذي قام باستغلال موارد أرض مصر والتحكم في جل شؤونها، والسيطرة الكاملة عليها، وإعطاء الإقطاعيين الفرصة بالتحكم بثروات الأرض على حساب طبقة الفلاحين المعدمة. ثم كانت اتفاقية الجلاء مع بريطانيا عام 1954 التي أسفرت عن خروج آخر جندي بريطاني عن مصر في 18 يونيو .1956
وقد شهدت جميع المرافق في والصناعي عهد جمال عبد الناصر إزدهارا كبيرا، حيث إزدهر القطاع الزراعي والتعليمي بشكل ملحوظ، فقد تم إنجاز العديد من المشاريع في عهده. منها توفير التعليم المجاني لجميع المراحل، ولجميع فئات المجتمع بجميع طبقاته، بحيث لم يعد مقتصرا على أبناء الطبقة الثرية فقط. كذلك قام بتأميم قناة السويس، إنشاء السد العالي على نهر النيل، تأميم البنوك الخاصة والأجنبية العاملة في مصر، إصدار قوانين الإصلاح الزراعي الذي تم بموجبه تمليك الأراضي لفلاحين مصر لأول مرة، وتحديد ملكيات الإقطاعيين، إنشاء التلفزيون عام 1960، تاسيس منظمة عدم الإنحياز، وغيرها من الإنجازات التي لا عد لها ولا حصر.
وقد كان دائما يتطلع إلى أمة عربية بعيدة عن أي نفوذ غربي، وتجلى ذلك بوضوح من خلال مساندته للحركات الثورية في الوطن العربي، منها عى سبيل المثال قيامه بإرسال القوات العسكرية إلى اليمن لمساعدة الثوار ضد الملكية آنذاك، كذلك مساندته لثورة الجزائر ضد الإستعمار الفرنسي، دعم القضية الفلسطينية والمساعدة في قيام منظمة التحرير الفلسطينية.
وقد كان من أبرز الزعماء المنادين إلى قيام أمة عربية واحدة لتشكيل قوة كبيرة ضد الأعداء وضد أي إستعمار لأي دولة عربية، وتمخض عن ذلك، الإتحاد الذي تم بين مصر و سورية لتشكيل الجمهورية العربية المتحدة التي لم تستمر طويلا نتيجة لإنقلاب الإقليم السوري عام 1961، ثم محاولته الإتحاد مع العراق وسوريه بعقد معاهدة وحدة بينهما، لم يكتب لها التوفيق بسبب وفاة الرئيس العراقي عبد السلام عارف آنذاك عام 1966.
وكما ذكرت سابقا، فإنه بالرغم من كل الإنجازات الكبيرة التي تمت في عهد جمال عبد الناصر، إلا أن منتقديه ومعارضيه كان لهم مآخذ كبيرة على شخصيته وعلى إنجازاته في فترة حكمه، بحيث وصفه البعض بأنه لم يكن حريصا على مصلحة الأمة كما كان يظن البعض، بل كان يضع شخصه، وحفظ مقامه عاليا بين الدول العربية ،على قائمة الأولويات في معظم إنجازاته. وانتقده البعض بسبب قيامه بالتدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية دون أي حق ودون أي هدف يذكر، وأن ذلك قد أدى ألى أرهاق مصر ماديا. إذ رأى الكثيرون منهم أن إرساله القوات العسكرية لليمن لمساعدة الثوار ضد الملكية الحاكمة آنذاك كان من أكبر الأخطاء الفادحة التي ارتكبها، حيث رأوا أن إرسال ما يقارب السبعين ألف جندي إلى اليمن لم يكن له هدف يبرره، وأن هذه المساندة أدت إلى إستنزاف الكثير من موارد مصر، وأدت إلى إضعاف القوة العسكرية لها والتي كانت من أحد العوامل الرئيسية التي أدت إلى هزيمة مصر أمام العدو الصهيوني عام 1967.
ولكن مهما تعددت الأراء، ومهما كثر أعداء ومعارضي جمال عبد الناصر، فإن ذلك لن يغير أي شيء من الحقيقة التي تجزم وبشدة بأن الرئيس جمال عبد الناصر سيبقى البطل الأسطورة في ذاكرة محبيه الذين وجدوا فيه الرمز للوحدة العربية التي نصبو إليها، والذين وجدوا فيه الشخصية المحافظة على الكرامة العربية، والذين وجدوا فيه الشخصية المحترمة النظيفة التي تنزهت عن أي مال وجاه.
كما لا يمكن لأحد أن ينسى ما كان لخطاباته من إجلال وإحترام بحيث كانت الشوارع تخلو من أي إنسان حين كان يلقي خطاباته، حيث كان جميع أبناء الأمة العربية يتجمعون حول المذياع لسماع خطابات الأمل والكرامة. وقد أطلق الكثير من العرب إسم جمال على أبنائهم تخليدا لهذا البطل الذي لن يتكرر عبر العصور. وقد كانت جنازته الأكبر في هذا العصر حيث شارك الملايين من جميع أنحاء الدول العربية في تشييعها ليوارى إلى مثواه الأخير. فرحمة الله على هذا الرمز الذي سيظل خالد مخلدا في ذاكرة كل عربي، والذي سيظل مفترشا ذلك الحيز الذهبي في قلوب من أحبوه، والذي ستبقى نظافة يده وتعففه عن إهدار المال العام مضرب مثل للرئيس الأمين، والذي ستكتب أمجاده على صفحة ناصعة البياض في ذاكرة التاريخ.
رحمه الله