[size=24]
من قتل أبي
لم يكن عبد الرحمن ذو الخمس اعوام يعلم الي اين ذهب والدة فهو يخرج كل يوم في الصباح الباكر لعملة ثم يعود بعد صلاة العصر وهذا الحال تعود علية عبد الرحمن منذ ان ادرك الكلام وعرف معني كلمة بابا وماما , وذات يوم جلس عبد الرحمن ينتظر عودة والدة ولكنة لم يعود ومر اول يوم وعبد الرحمن يشاهد امة تبكي وكل خمس دقائق تجلس امام التلفاز وتتابع كل الاخبار ومرة اخري تجري علي الهاتف وتتحدث مع كل اصحاب زوجها ولا فائدة , ولم يدرك عبد الرحمن ماذا حدث ولماذا لم يعود والدة . وفي المساء لاجظ عبد الرحمن ان بيتهم اصبح كخلية النحل الاقارب كلهم متواجدين والكل يسأل هل هناك أي جديد والبعض يرفض الكلام في حالة شرود تام ولا توجد أي اجابة واحدة تقول ان ابو عبد الرحمن هنا او هناك , وتمر الساعات حتي ينتصف الليل والبيت مازال يمتلئ بالناس حتي ذهب كلا الي حال سبيلة ومن كثرة التعب اخلدت ام عبد الرحمن للنوم وهو في حضنها تبكي وتتساقط دموعها علي خدي عبد الرحمن الذي يسأل امة عن والدة ولماذا اليوم فقط كل الاقارب عندنا وانتي لماذا تلبس الاسود ولماذا كل هذا البكاء , وتقول الام وهي لم يهداء لها جفن اننا نتظر والدك فقد تأخر في عملة ولكن ان شاء الله في الصباح سوف يعود .. وتمر الساعات علي الام وهي علي فراشها تمثل النوم من اجل ان ينام عبد الرحمن فقط وعندما احست انة فعلا غلبة النوم تقوم من فراشها الي غرفة الصالون وتفتح التلفاز مرة اخري وتتنقل من قناة الي قناة فقد كان محور المظاهرات قريب جدا من مقر عمل زوجها وهي تعلم ان زوجها من الناس الذين كانوا يرفضون الظلم وهيمنة حكم النظام وحالة الفقر والجوع التي كانت كثيرا ما تؤرق زوجها وخشيت ان يكون زوجها قد دخل في هذة المظاهرات وتقول لنفسها لماذا لم يتصل بي علي الاقل كان يطمني علية واعرف اين هو ؟ ولكن هي تعلم ايضا ان كل الخطوط اليوم مقطوعة ولا توجد وسيلة اتصال والهاتف مغلق من الصباح ولا جدوي للاتصال ومن شدة التفكير لم تدرك ام عبد الرحمن ان الصباح قد لاح والباب يرن جرسة بشدة وتهرع مسرعة نحو الباب واذا بالاخ الاصغر لزوجها يقول لها لابد ان نذهب الي المستشفي الان وبدون حديث وفي حالة من الصمت تسأل بعينيها عما يحدث وادرك الاخ انة لابد ان يرد عليها بالاجابة ويقول نعم سوف نذهب للمستشفي فكثيرا من اصدقاء اخي يقولون انو مصاب وتهرع لتغير ملابسها وتخرج الي حيث يرقد زوجها بعد ان تركت ابنها لدي اختها الصغري , وعندما وصلت الي المستشفي تقابلت مع بعض اصدقائة والكل في حالة بكاء شديد وتسأل لماذا البكاء انتم قولتم لي انة مصاب ويقترب منها شخص كان من اشد الاصدقاء لزوجها ويقول لها بصوت حزين لقد ذهب ابو عبد الرحمن شهيدا للوطن لقد استشهد امس وهي يناضل في ميدان التحرير وتسقط الزوجة مغشي عليها دون حراك وبعد تقديم الاسعافات الاولية لها تعلم ان الامر اصبح حقيقة فقد كانت اعداد الشهداء كثيرة والدموع تملئ المستشفي كما تملئ العيون واصبحت هي ليست الوحيدة التي تبكي وساعدها بعض الاهل والاصدقاء في النهوض حتي وصلت الي بيتها وهناك علمت انها كانت ذاهبة فقط لكي تتعرف علي جثة زوجها وان اهل الخير والجيران قد اقامواسرداق العزاء واحضروا كل شي لاقامة واجب العزاء ومازال عبد الرحمن لا يعلم حجم المصيبة غير ان بعض الاولاد قالوا لة انة والدة قد قتل علي يد بعض الاشرار ومازال يجلس عبد الرحمن في حجرتة بعد ان رفض النزول للشارع مرة اخري ويرفض الكلام حتي عادت امة ليجري عليها ويسألها امي امي اين ابي ولماذا يقولون لي ا نابي قتل يعني اية قتل يا امي ؟ يعني مات يعني هو مش هيرجع تاني يعني مش هيروح الشغل يعني اية يا امي , ولم تتحمل الام حديث ابنها وانهالت بالبكاء وهي تحاول ان تحتضن ابنها لكي يصمت عن الحديث .. وفي لحظة ارادة قوية تتمالك نفسها وتقول لابنها سوف اقول لك الحقيقة كلها ولكن لكي ان توعدني ان تكون بطل مثل والدك ويهز عبد الرحمن رأسة بالموافقة والدموع تتساقط علي خدة الصغير وتتحدث الام والدك كان يحارب الظلم من اجلك كان يحارب الجهل من اجلك كان يحاول ان يضمن لك غد افضل كان دائما يتمني ان يراك بطل كان دائما يقول لي ان حلمي ا ناري عبد الرحمن ظابط في الجيش المصري يدافع عن مصر وعندما حاول ان يدافع عن مصر كان من الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم من اجلك ومن اجل كل شباب واطفال ونساء وشيوخ مصر ومن اجل ان يوفر لنا حياة كريمة ومازالت تتكلم وعبد الرحمن لا ينطق بكلمة واحدة ولا تعلم هي ان كان قد استوعب كلامها ام لاء ولكنة ومع شجاعة امة لم يبكي وفي الاخير تسأل ابنها عرفت الان اين والدك ويتكلم عبد الرحمن نعم يا امي ولكن يعني أي شهيد وترد الام بتنهيدة كبيرة يعني والدك مازال حي يرزق عند ربنا في السماء وان شاء الله سوف نلتقي بة في الجنة . وتذهب وهي تمسك بيد عبد الرحمن الي غرفتها حيث توجد صورة كبيرة للبطل الشهيد ابو عبد الرحمن وتقول لابنها هذة هي صورة والدك حافظ عليها واقراء له الفاتحة حتي ساعة اللقاء.
وفي لحظات تذهب ام عبد الرحمن الي حيث يتجمع كل الاهل والاقارب وتقول لهم لن اتقبل العزاء في زوجي حتي يعود الحق والقصاص لي ولكل اهل الشهداء الذين رائيتهم اليوم لن اتقبل العزاء في زوجي وهو الشهيد حتي اري حصاد ما فعلة هو وغيرة من الشهداء لكي تعود مصر الي عهدها وان كانت روح زوجي فداء لمصر سوف نضحي كلنا بكل ما نملك لكي يعود النور والامل والطمئنينة التي فقدناها من عمرنا وحتي احس ان روح زوجي هادئة وفي امان ووقتها فقط سوف اتقبل العزاء .
وتجلس ام عبد الرحمن وتمسك بيديها كتاب الله وتقول حسبي الله ونعم الوكيل في كل من ظلمنا وفي كل من يتم ولادنا وفي كل من خان هذا الوطن .
وتقراء القرأن الكريم وهي متماسكة ولا تقول الا لا الله الا الله[/si
ze]لم يكن عبد الرحمن ذو الخمس اعوام يعلم الي اين ذهب والدة فهو يخرج كل يوم في الصباح الباكر لعملة ثم يعود بعد صلاة العصر وهذا الحال تعود علية عبد الرحمن منذ ان ادرك الكلام وعرف معني كلمة بابا وماما , وذات يوم جلس عبد الرحمن ينتظر عودة والدة ولكنة لم يعود ومر اول يوم وعبد الرحمن يشاهد امة تبكي وكل خمس دقائق تجلس امام التلفاز وتتابع كل الاخبار ومرة اخري تجري علي الهاتف وتتحدث مع كل اصحاب زوجها ولا فائدة , ولم يدرك عبد الرحمن ماذا حدث ولماذا لم يعود والدة . وفي المساء لاجظ عبد الرحمن ان بيتهم اصبح كخلية النحل الاقارب كلهم متواجدين والكل يسأل هل هناك أي جديد والبعض يرفض الكلام في حالة شرود تام ولا توجد أي اجابة واحدة تقول ان ابو عبد الرحمن هنا او هناك , وتمر الساعات حتي ينتصف الليل والبيت مازال يمتلئ بالناس حتي ذهب كلا الي حال سبيلة ومن كثرة التعب اخلدت ام عبد الرحمن للنوم وهو في حضنها تبكي وتتساقط دموعها علي خدي عبد الرحمن الذي يسأل امة عن والدة ولماذا اليوم فقط كل الاقارب عندنا وانتي لماذا تلبس الاسود ولماذا كل هذا البكاء , وتقول الام وهي لم يهداء لها جفن اننا نتظر والدك فقد تأخر في عملة ولكن ان شاء الله في الصباح سوف يعود .. وتمر الساعات علي الام وهي علي فراشها تمثل النوم من اجل ان ينام عبد الرحمن فقط وعندما احست انة فعلا غلبة النوم تقوم من فراشها الي غرفة الصالون وتفتح التلفاز مرة اخري وتتنقل من قناة الي قناة فقد كان محور المظاهرات قريب جدا من مقر عمل زوجها وهي تعلم ان زوجها من الناس الذين كانوا يرفضون الظلم وهيمنة حكم النظام وحالة الفقر والجوع التي كانت كثيرا ما تؤرق زوجها وخشيت ان يكون زوجها قد دخل في هذة المظاهرات وتقول لنفسها لماذا لم يتصل بي علي الاقل كان يطمني علية واعرف اين هو ؟ ولكن هي تعلم ايضا ان كل الخطوط اليوم مقطوعة ولا توجد وسيلة اتصال والهاتف مغلق من الصباح ولا جدوي للاتصال ومن شدة التفكير لم تدرك ام عبد الرحمن ان الصباح قد لاح والباب يرن جرسة بشدة وتهرع مسرعة نحو الباب واذا بالاخ الاصغر لزوجها يقول لها لابد ان نذهب الي المستشفي الان وبدون حديث وفي حالة من الصمت تسأل بعينيها عما يحدث وادرك الاخ انة لابد ان يرد عليها بالاجابة ويقول نعم سوف نذهب للمستشفي فكثيرا من اصدقاء اخي يقولون انو مصاب وتهرع لتغير ملابسها وتخرج الي حيث يرقد زوجها بعد ان تركت ابنها لدي اختها الصغري , وعندما وصلت الي المستشفي تقابلت مع بعض اصدقائة والكل في حالة بكاء شديد وتسأل لماذا البكاء انتم قولتم لي انة مصاب ويقترب منها شخص كان من اشد الاصدقاء لزوجها ويقول لها بصوت حزين لقد ذهب ابو عبد الرحمن شهيدا للوطن لقد استشهد امس وهي يناضل في ميدان التحرير وتسقط الزوجة مغشي عليها دون حراك وبعد تقديم الاسعافات الاولية لها تعلم ان الامر اصبح حقيقة فقد كانت اعداد الشهداء كثيرة والدموع تملئ المستشفي كما تملئ العيون واصبحت هي ليست الوحيدة التي تبكي وساعدها بعض الاهل والاصدقاء في النهوض حتي وصلت الي بيتها وهناك علمت انها كانت ذاهبة فقط لكي تتعرف علي جثة زوجها وان اهل الخير والجيران قد اقامواسرداق العزاء واحضروا كل شي لاقامة واجب العزاء ومازال عبد الرحمن لا يعلم حجم المصيبة غير ان بعض الاولاد قالوا لة انة والدة قد قتل علي يد بعض الاشرار ومازال يجلس عبد الرحمن في حجرتة بعد ان رفض النزول للشارع مرة اخري ويرفض الكلام حتي عادت امة ليجري عليها ويسألها امي امي اين ابي ولماذا يقولون لي ا نابي قتل يعني اية قتل يا امي ؟ يعني مات يعني هو مش هيرجع تاني يعني مش هيروح الشغل يعني اية يا امي , ولم تتحمل الام حديث ابنها وانهالت بالبكاء وهي تحاول ان تحتضن ابنها لكي يصمت عن الحديث .. وفي لحظة ارادة قوية تتمالك نفسها وتقول لابنها سوف اقول لك الحقيقة كلها ولكن لكي ان توعدني ان تكون بطل مثل والدك ويهز عبد الرحمن رأسة بالموافقة والدموع تتساقط علي خدة الصغير وتتحدث الام والدك كان يحارب الظلم من اجلك كان يحارب الجهل من اجلك كان يحاول ان يضمن لك غد افضل كان دائما يتمني ان يراك بطل كان دائما يقول لي ان حلمي ا ناري عبد الرحمن ظابط في الجيش المصري يدافع عن مصر وعندما حاول ان يدافع عن مصر كان من الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم من اجلك ومن اجل كل شباب واطفال ونساء وشيوخ مصر ومن اجل ان يوفر لنا حياة كريمة ومازالت تتكلم وعبد الرحمن لا ينطق بكلمة واحدة ولا تعلم هي ان كان قد استوعب كلامها ام لاء ولكنة ومع شجاعة امة لم يبكي وفي الاخير تسأل ابنها عرفت الان اين والدك ويتكلم عبد الرحمن نعم يا امي ولكن يعني أي شهيد وترد الام بتنهيدة كبيرة يعني والدك مازال حي يرزق عند ربنا في السماء وان شاء الله سوف نلتقي بة في الجنة . وتذهب وهي تمسك بيد عبد الرحمن الي غرفتها حيث توجد صورة كبيرة للبطل الشهيد ابو عبد الرحمن وتقول لابنها هذة هي صورة والدك حافظ عليها واقراء له الفاتحة حتي ساعة اللقاء.
وفي لحظات تذهب ام عبد الرحمن الي حيث يتجمع كل الاهل والاقارب وتقول لهم لن اتقبل العزاء في زوجي حتي يعود الحق والقصاص لي ولكل اهل الشهداء الذين رائيتهم اليوم لن اتقبل العزاء في زوجي وهو الشهيد حتي اري حصاد ما فعلة هو وغيرة من الشهداء لكي تعود مصر الي عهدها وان كانت روح زوجي فداء لمصر سوف نضحي كلنا بكل ما نملك لكي يعود النور والامل والطمئنينة التي فقدناها من عمرنا وحتي احس ان روح زوجي هادئة وفي امان ووقتها فقط سوف اتقبل العزاء .
وتجلس ام عبد الرحمن وتمسك بيديها كتاب الله وتقول حسبي الله ونعم الوكيل في كل من ظلمنا وفي كل من يتم ولادنا وفي كل من خان هذا الوطن .
وتقراء القرأن الكريم وهي متماسكة ولا تقول الا لا الله الا الله[/si
بقلمي
محمد عبده
29 / 3 / 2011